في الماضي، كانت جميع الشبكات حول العالم تدار من قبل الناس، وقد قام المهندسون بمراقبة الآلاف من أجهزة الإنذار التي تظهر يوميًا على الشاشات في مراكز تشغيل الشبكات لخلق مذكرات خاصة بمشكلة معينة وحلها في نهاية المطاف، الأمر الذي لم يعد ممكناً في إطار الثورة الصناعية الرابعة أو ثورة الأتمتة.
ويعتمد الاقتصاد الرقمي بشكل كامل تقريبًا على أداء وموثوقية الشبكات، الأمر الذي يخلق متطلبات هائلة على المشغلين تأمينها لتوفير قدرات الشبكة المستقبلية بالتزامن مع مواجهة التحديات المرتبطة بزيادة حركة البيانات وحجمها. ويرتفع حالياً عدد الأجهزة المتصلة بالشبكة أكثر من أي وقت مضى ويستمر هذا العدد في النمو بشكل مطرد مع ظهور تقنيات جديدة مثل تقنيات الجيل الخامس وإنترنت الأشياء و Cloud gain traction. في المقابل ، يجب على المشغلين إيجاد طرق جديدة لإدارة التعقيدات التي تحدثها الشبكات المتعاملة مع جميع هذه التقنيات في وقت واحد.
باتت منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا على حافة الثورة الرقمية الهائلة، بريادة المستهلكون الذين باتوا اليوم أكثر قدرة للوصول إلى المزيد من الأجهزة إضافة إلى أنهم باتوا أكثر اتصالًا وتطلبًا من أي وقت مضى، ما جعل الحياة بالتالي أكثر تعقيداً. وفقاً لتقرير موبيليتي من اريكسون، تواجه منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا ، التي تضم أكثر من 66 دولة، اختلافات كبيرة في السوق لناحية النضج على مستوى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ومع ذلك، يتنبأ التقرير بتحقيق نمو على مستوى المنطقة في الاشتراكات بالاتصالات المتنقلة من 1.590 مليون إلى 2.030 مليون بحلول عام 2023. وإضافة إلى ذلك، ستشهد منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا زيادة بنحو خمسة أضعاف في اشتراكات تقنية الجيل الرابع المتقدم ، من 190 مليون إلى 860 مليون ، في نفس الفترة الزمنية. وأياً كانت الطريقة التي ينظر بها إلى حركة مرور البيانات، ستزداد هذه الحركة بشكل كبير ما سيؤدي إلى خلق ضغط على البنية الأساسية للشبكة الحالية.
بالإضافة إلى كل هذا النمو، من المتوقع أن تظهر أولى الاشتراكات بتقنية الجيل الخامس في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إبتداء من عام 2020، لتصل إلى حوالي 17 مليون اشتراك بحلول نهاية عام 2023. وتقع الشبكة في قلب تقنية الجيل الخامس، ما يفرض على المشغلين ضرورة تطوير شبكاتهم، ومواجهة التحديات القائمة والتحضير لعصر تقنية الجيل الخامس، حيث تعتبر معلومات الشبكات والأتمتة أمرًا حيويًا لتطور تقنيات الجيل الخامس وإنترنت الأشياء والرقمنة الصناعية. ومع تطور التقنيات الداعمة لتقنية الجيل الخامس، سيحتاج المشغلون إلى توسيع سعة شبكتهم، مع قدرات إضافية، تزيد الامر تعقيداً.
لا تعتبر تقنية الجيل الخامس بحد ذاتها معقدة، إلا أن تشغيل جميع التقنيات بشكل متواز، بالإضافة إلى نطاقات التردد المتعددة، واتصال العديد من الأجهزة بالشبكة وتزايد حالات استخدام تقنية الجيل الخامس، أدى إلى خلق ضغط استثنائي على الشبكة.
ولطالما بذلت اريكسون جهوداً متعددة لاستكشاف الأتمتة في مختبراتنا للأبحاث منذ عام 2007، مدفوعة بالذكاء الآلي، الأمر الذي نتج عنه الحصول على مئات البراءات في هذا المجال. ولمواجهة التحديات الجديدة، قدمنا حلولاً هندسية تجمع بين التعلم الآلي والبراعة البشرية عبر محفظتنا لتمكين الشبكات من التعلم الذاتي، والتحسين الذاتي، وتقديم تجربة مثالية للمستخدم، ما يسمح للمشغلين بالاستفادة من الفرص التي توفرها تقنية الجيل الخامس. في الواقع نتوقع بحلول عام 2026، أن يكون المشغلين قادرين عالمياً على الاستفادة مما يصل إلى 619 مليار دولار أمريكي من فرص الأعمال التي توفرها تقنية الجيل الخامس في إطار رقمنة القطاعات.
ويمكن عبر تعزيز الأتمتة باستخدام تقنيات الذكاء الآلي – مثل التحليلات المتقدمة والتعلم العميق والتعلم الآلي وحلول الذكاء الاصطناعي – توفير التنبؤات والنماذج التي لا يمكن للبشر توفيرها بأنفسهم، من هنا تسمى “عمليات الشبكة الذكية”. ويتم ذلك عبر الاستفادة من البيانات المتوفرة في الشبكة – بالإضافة إلى أشكال أخرى مختلفة من البيانات الخارجية مثل الظروف الجوية وذكاء الآلات – حيث يمكن تنفيذ عمليات الشبكة بطريقة أكثر ذكاءً.
ويؤدي تطبيق التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي إلى رفع مستوى الأتمتة لنصل إلى الأتمتة الذكية، ويكمن الهدف من ذلك في التنبؤ بالأحداث قبل حدوثها واتخاذ إجراءات وقائية أو تصحيحية لضمان عدم وقوع الحوادث. وسنستمر بالاستثمار في التعلم الآلي والتفكير الآلي للاستغلال الكامل للفرص التي توفرها تقنيات الشبكات الجديدة، وذلك نظراً لريادتنا العالمية، ورؤيتنا في القطاع، وخبرتنا في المجال، وقيادتنا الفكرية في مجال ذكاء الماكينات، ما يجعلنا في وضع مميز، يمكننا من تنفيذ عمليات الشبكة الذكية وأتمتة قطاع الاتصالات في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.