قطعت التكنولوجيا أشواطاً كبيرة خلال العقد الماضي. ولعل أحد أبرز ابتكاراتها يتمثّل في “الذكاء الاصطناعي” – الذي يشير إلى قدرة أنظمة الكومبيوتر والآلات على أداء مهام يتطلب إنجازها عادة تدخّل الذكاء البشري. فاختراع الذكاء الاصطناعي قدّم لنا إمكانية إضفاء حيز جديد إلى قدراتنا لتحقيق المزيد من الإنجازات.
مفهوم “الذكاء الاصطناعي” ليس جديداً، فقد بادرت مختلف شركات التكنولوجيا خلال الأعوام الماضية إلى طرح ابتكارتها المزودة بتقنيات الذكاء الاصطناعي. وتناهت إلى مسامعنا تسريبات حول شائعات تفيد أنّ العملاق الصيني “هواوي” سيكون التالي على قائمة الشركات التي توفر تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. ومن المتوقع أن يكشف ريتشارد يو، الرئيس التنفيذي لـمجموعة “هواوي” لأعمال المستهلكين النقاب عن خاصية المساعد الصوتي من “هواوي” التي ترتكز على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي خلال كلمة يلقيها على هامش فعاليات معرض “إيفا” المنعقد في العاصمة الألمانية برلين خلال شهر سبتمبر المقبل. ولكن يبقى السؤال: “هل ستكون “هواوي” مجرد شركة أخرى متخصصة بتصنيع الهواتف الذكية تدمج ميزة المساعد الصوتي المستندة إلى تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ضمن أجهزتها؟”
تشير الإعلانات التمهيدية التي كشفت “هواوي” عنها مؤخراً إلى سعيها الحثيث لتحقيق نقلة نوعية في مجال الذكاء الاصطناعي بما يتجاوز في مضمونه ميزة المساعد الصوتي. ووفقاً للشركة، فإن تركيزها ينصب حالياً على ما يعنيه مفهوم الذكاء الاصطناعي بالنسبة للناس – “ما يعني الذكاء الاصطناعي؟ وأين ينتشر؟ وكيف يعزز حياة البشر؟”. وتشير التخمينات أنّ الشركة ستطرح قريباً “رقاقة هواوي للذكاء الاصطناعي” تزامناً مع تقارير تتضمن إمكانية إطلاق الشركة لمعالج “كيرين 970” (Kirin 970) الجديد كلياً. ويبقى السؤال: “أتراها تكون بداية الانتقال من ثورة المعلومات نحو عصر الذكاء الاصطناعي؟”
وتعد “هواوي”، الشركة الرائدة عالمياً في قطاع التكنولوجيا، إحدى الشركات الأكثر إنفاقاً في مجالات الأبحاث والتطوير، حيث تستثمر قسماً كبيراً من عائدات مبيعاتها السنوية في هذا المجال. وأنشأت الشركة 16 مركزاً للأبحاث في مختلف أنحاء العالم. وواصلت “هواوي” الاستثمار في التكنولوجيا المستقبلية خلال العام 2016، حيث وصل الانفاق السنوي للشركة على مجالات الأبحاث والتطوير إلى 76,4 مليار يوان صيني (11 مليار دولار أمريكي).
وكانت “هواوي” قد أعلنت مؤخراً عن نتائج أعمالها للنصف الأول من العام 2017 التي أظهرت نمواً مطّرداً أحرزته الشركة، حيث إجمالي إيرادات الشركة خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي بلغت 105.4 مليار يوان صيني، محققة نمواً سنوياً بنسبة 36.2%. ووفقاً لتقرير مركز الأبحاث العالمي “آي دي سي”، ارتفعت حصة “هواوي” في أسواق الهواتف الذكية خلال الربع الأول من العام 2017 بنسبة 9.8%. هذا النمو تحقق بفضل أداء قسم الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية في الشركة. ولا شك أن طرح رقاقة الذكاء الاصطناعي سيساهم في تعزيز الأداء الواعد للشركة خلال الأعوام المقبلة.
وسواء اعتبرنا الذكاء الاصطناعي مجرد مساعد صوتي أم لا، ستتوجه جميع الأنظار إلى “هواوي” مع استعداد الشركة لإطلاق إعلانها المرتقب خلال فعاليات معرض “إيفا”- آخذة الحقبة الجديدة إلى بعد جديد.
الذكاء الاصطناعي: أكثر من مجرد مساعد صوتي
